Archive for the ‘روحانيّات.’ Category

“واللهِ ما في هذه الدنيا ألذُّ من اشتياقِ العبدِ للرحمنِ”

7 مارس 2019

﴿مَن كان يَرجُو لِقاءَ اللَّهِ فإنَّ أجَلَ الله لآتٍ…﴾
أي: “يا أيُّها المُحِبُّ لِرَبِّه، المشتاق لقربه ولقائه، المسارع في مرضاته، أبشِر بقرب لقاء الحبيب، فإنَّه آتٍ
وكُل ما هو آتٍ قريب؛ فتزوَّد للقائه، وسِر نحوه مُستَصْحِباً الرَّجاء مؤمِلاً الوصولَ إليه” تفسير السعدي رحمه الله.

اللهم ارزقنا حُسن الوفادة عليك، أمِّنْ قلوبَنا يومَ الفزعِ الأكبر، اجعلنا ممّن ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾، واجعل خيرَ أيّامنا يومَ أن نلقاك، آمين.

لحظة رضا.

21 ديسمبر 2018

إنْ أنا إلا قطرةً في بحرِ مُلكِك إلهي؛ تُجري بي ما تشاء، ما يكونُ لي أن أسخط.. سبحانك! وهل أنا إلا أمَةٌ لك، بل أنقادُ لك حُبًا وطَوْعًا.

ربيع قلبي.

8 أوت 2017

أجمل وأغلى وأعز هديّة لقلبي وروحي؛ من صديقتي في التخصّص: (حصّة المزيني) صديقتي “الحجّة”
أهدتني هذا المصحف بعد عودتها من الحجّ العامَ الماضي.
الهدية التي لا تَبلى ولا تَفنى.. كنتُ أتأمّل باندهاش كيفَ لفرحتي بهِ ألّا تنقضي.. كيف لانتفاعي منه أن يكون بلا حدودَ؛ أنْ أجدَ فيه ضالتي في كُلّ وأيّ شأن.. اقرأه وأنا سعيدة؛ فازدادُ فرحًا وحبُـورًا.. اقرأه وأنا مضطرّبة؛ فأجدُ فيه طمأنينتي وسكينتي..
اقرأه وأنا حزينة؛ فأجدُ فيه سلوَتي وعزائي..
اقرأه وأنا في خضم حيرة؛ فيُهيّئ اللهُ لي بهِ من أمري رَشَدًا..
كنتُ ما أزالُ في دهشتي، أفكّر كيف أنّنا نقرأ ذات الآيات منذ سنينٍ طويلة، بل وربّما نحفظُ بعضها منذ نعومة أظافرنا، إلّا أنا لا ولم ولن نكتفي من قراءته.. لكنّه كلام اللهُ؛ -سبحانه جلّ مِن قائل- لا يفنى ولا يبلى، بل يزدادُ جمالاً وبلاغةً.. وسِحرًا وبَيانًا.. وروعةً وإعجازًا.. ولا تزال تنتفعُ منه، المرّة تلو الأخرى، ولا يزال يفتح الله به عليك -وفي كُلِّ قراءة- من المعانِ والحكم، والعِظاتٍ والعِبَر؛ ما يعجزُ عن وصفهِ اللسان، وتحارُ في شأنهِ العقول.. وكيف لا، وهو -ببساطة- إعجاز!
كنتُ لا أزال في دهشتي إلى أنْ تذكّرت قوله تعالى: ﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ [الكهف: ١٠٩]. الآن أفهم قوله صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك . أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي.”

{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}

8 أوت 2017

150215775457641

وإيماني يا الله ضعيفٌ/ هشّ.. لا يبلّغني مسيري إليك، فالطريقُ طويلٌ بلا أمدٍ أبصرُه، ونَفَسِي صار قصيرًا أقصرَ من أن أدركُه؛ إلهي فامنحني.. إيمانًا حقًا، يقينًا وصِدقًا؛ أبصرُ بهم الدنيا على حقيقتها، ثمّ أمضي لا أبالي.. أعمّر بالصلواتِ كلّ الليالي.. أرتّلُ الآياتِ والسّبع المثاني.. أعفّرُ جبهتيَ في الأرضَ.. لا لسواك، يا كبيرُ يا متعالِ.. لعلّي بذلك أكفّرُ.. بعضَ الذي كان منّي؛ فلقد علمتُ أنّه وإنْ حَقُر ذنبي، فعِظمُ من عصِيتُ أكبرُ من ألّا أبالي! ربّاهُ.. ربّاهُ.. عبادك وأماتك كثُر، قد سبقوني إليك، وزاحموني بطاعاتهم، فما عدتُّ أدري.. كيف استدرك لنفسي ما قد فاتها من الحظّ العظيم؟ فكيف السبيل للحاق؟ كيف السبيلُ ربّاه؟ إلهي.. ما الدنيا أرجو، ولكن رضاك وجنّتك أبغي.. فما لي إلهي اجدني اركضُ خلف الدنيا؟ فمالي إلهي قد تعلّق قلبي بها حتى لأنّي أكادُ أقول: قد امتلأ بها فما عاد للآخرةِ يتّسع! أما وأنّها حياةٌ فانيّة؟ أما وأنّها سُويعاتٌ وأمضي، فمتى يا نفسُ تسمعي.. متى يا نفسُ تعي! يا حسرةً عليكِ يا نفسي إنْ كنتِ صنعتِ كلّ ما قد صنعتِ من أجلِ دنيًا تصيبينها، وما الدنيا حتى يُفنى العمرُ فيها؟! يا الله، قلبي يا الله.. قلبي، يُتعبني كثر تقلّبه، يشقيني عِظمة قسوته، أما آن له أن يلين؟ أن يخشع.. أن يستكين؟ قد شُقّ عليّ أن أُصلحه.. أن أنقّيه من كلّ تعلّقٍ بغيرك، ثمّ اصبحُ وامسي.. اغدو وأروح.. وليس لي همٌ سوى رضاك عنّي. يا ربّ هبني قلبًا سليمًا، فلقد أيقنتُ حقّ اليقين، أنّ ما سواهُ بعدُ ينفعني ليومِ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون.

على الهامش:
كُتبت في:
يوم الجمعة،الموافق 28-7-1434 هـ؛ أعدتُ رفعها للتوثيق فقط

شكرًا يا الله.

7 جوان 2013

 3

سريعةٌ هي الأيامُ تمضي بنا، أنّني أجري والكلّ من حولي يجري بلا تؤدة ورويّة، أضيعُ وسط كل هذا الزحام والضجيج، وأنسى أن أشكرك يا الله على الحياة الطيبة التي وهبتني، على كل شيء.. كل شيء.
اللهُ طيّب، لذا فإنّ كل ما يأتي من الله طيّب، حتى وإن لم أبصر الحكمة في أقداره، فإنّني أثِقُ يقينًا بأنّ الله لن يضيّعني، وأنّ رحمة الله التي وسعتْ كل شيءٍ تغشاني، وأنّ لطفهُ الإلهي يغمرني منذ اللحظة التي كتبَ لي أن أكون. مؤمنةٌ أنا أبدًا يا الله بحسن تدبيرك، كافرةٌ أنا أبدًا بالقنوط في رحمتك. خلقتني في أحسن تقويم، جنينًا كنتُ يومًا ومنذها ياربّ وأنتَ معي، تحفظني.. ترعاني.. تُطعمني.. تسقيني.. وحتى هذه اللحظة التي أكتبُ فيها بدموعٍ على الخدّينِ تسير، نِعمُك يا إلهي عنّي لا تنقطع. شكرًا يا الله؛ على كل التفاصيل الصغيرة الجميلة المتواجدة بكثافة من حولي إلى الحدّ الذي نسيتُ معه كيف أنها تستحقّ الإحتفاء بها. نسينا -وسط كل هذا الترف الذي نعيشه- كيف نسعد بأصغر التفاصيل. صِرنا نحتقرُ كل شيءٍ من حولنا، وننسى كيف نحفلَ بالحياة حتى وإن كان الفرحُ ضئيلاً. شكرًا يا الله؛ لأنك فطرتني على دينِ السلام. شكرًا يا الله؛ لأنّ رسولي رسولُ الرحمة، محمّد، الذي وحده أنتَ تعلم كم بكيتُ كثيرًا شوقًا لرؤيته، وتوقًا لشربةٍ يسقيني إياها من حوضه بيديه الشريفتين، لا أظمئُ بعدها أبدًا. شكرًا يا الله؛ على الجسدِ المعافى الذي أنعَمُ، بينما هناك مرضىً على الأسرّةِ يأنِّون، مرضىً لا يعرفون النوم من شدّة الألم وقسوةِ الوجع. شكرًا يا الله؛ على نعمةِ الأسرة حيث الحبّ والمودّة والإنتماء، حيث يعتني بعضنا جيدًا ببعض. شكرًا يا الله؛ لأنك علّمتني منذ الصِغر كيف أرفعُ يديّ الصغيرتين إليك وأدعو كثيرًا. شكرًا يا الله؛ لأنّك دائمًا معي. شكرًا يا الله؛ لأنك منحتني سببًا أعيشُ من أجله. شكرًا يا الله؛ لكلّ الدعواتِ المحقّقة والتي لم تتحقّق لحكمةٍ وحدك تعلمها. شكرًا يا الله؛ على كلّ رمضانٍ بلّغتني، ووفّقتني فيه -بفضلك وحولك وقوتك- على الصيام والقيام.  شكرًا يا الله؛ على الحياةِ الجميلة والأصدقاء الطيّبين. شكرًا مديدة لا تنقطع على آلائك ونعمك التي لا أُحصيها، كل خليّةٍ فيني تسجدُ لك شاكرةً. يا ربّ؛ مع كل نفس أتنفّسُ به الحياة، عصافيرٌ كثيرة معقودة بـ “شكرًا يا الله” طارتْ صوبَ السماء إليك.

السلام الداخلي.

22 جانفي 2012


قرأتُ قبل بضعة أيام رواية شهيرة لـ إليزابيث جيلبرت بعنوان (طعام، صلاة، حب). تدور أحداث الرواية حول امرأة في العقد الثالث من عمرها، يحصل معها الطلاق المرّ فيصفع تردّداته العنيفة إليزابيث، التي تنهض بعد وقت محطمة ولكن مصممة على البحث عن كل ما تفتقده. هنا يبدأ البحث، في روما تغرق في ملذات الطعام والحفلات، وفي الهند تنير الهداية روحها، وأخيراً في بالي تكتشف على يدي عراف سقطت أسنانه الطريق إلى السلام الذي يقودها إلى الحب!
ما يهمني هو ما حصل معها في الهند، حيث تقطع “إليزابيث” كل هذه المسافة إلى معتزل في قرية نائية في الهند، فقط لكي تجد “السلام الداخلي” ولو بأيّ ثمن! خلال كل تلك الفترة التي قضتها في الهند، كانت تتمنى لو تستطيع الاستعانة بـ “غورو” أو (معلم) إذ ليس من السهل أبداً أن تحصل على غورو خاصّ بك. عموماً، وظيفة هذا “الغورو” هو إرشادك إلى السلام الداخلي ونور الهداية.
طبعاً لم تستطع “إليزابيث” الحصول على واحد، لذا قررت البحث عن السلام الداخلي، من خلال الفيباسانا (نوع من التأمل) وهو  تقليد بوذي بالغ الحدة، يعتمد على الجلوس وحسب. تدوم دروس الفيباسانا التمهيدية لعشرة أيام، يجلس خلالها التلميذ عشر ساعات في اليوم في أوضاع تمدد ساكنة تدوم لساعتين أو ثلاث متواصلة. حتى إن معلم الفيباسانا لا يعطيك مانترا، بل يعتبر ذلك نوعاً من الغشّ. ذلك أن الفيباسانا تقوم على مجرّد النظر إلى العقل ومشاهدته والتأمل التام في نماذج تفكيرك، من دون السماح لشيء أن يحركك من جلستك. وهي متعبة جسدياً أيضاً، فمن الممنوع تحريك جسدك نهائياً متى جلست، مهما كانت انزعاجك كبيراً. وإن شعرت بالانزعاج، عليك أن تتأمّل في هذا الانزعاج وتراقب أثر الألم الجسدي عليك! لم تكتفِ “إليزابيث” بالفيباسانا بل جرّبت أيضاً الغوروجيتا وهي العقبة الكبرى التي واجهتها في المعتزل. الغوروجيتا عبارة عن أنشودة تتألف من 182 بيتاً، وكل بيت هو عبارة عن فقرة سنسكريتية غير مفهومة. وتستغرق تأدية أغنية المقدمة والكورس والطقس ساعة ونصف تقريباً. وكانت (أي الغوروجيتا) السبب الرئيسي للنهوض عند الساعة الثالثة بعد منتصف الليل هناك. كانت إليزابيث تكرهها، بل وتمثّل رعب حقيقي بالنسبة لها لها؛ إذ كانت تشعر باهتياج في جسدها، ويبدأ جسدها في التصبصب عرقاً. كان هذا فقط بعض من أنواع التأمل والطقوس الروحية التي حاولت إليزابيث من خلالها جاهدة الوصول إلى حقيقة السلام الداخلي، ولم تصل!

كل هذا يدفعني إلى السجود لله شاكرة بأنني مسلمة، فلستُ بحاجة إلى أن أجوب العالم للبحث عن السلام الداخلي والحقيقة من وراء وجودنا أو ممارسة طقوس دينية زائفة وغير منطقية ولا أساس لها من الصحّة، فالحمدلله حمداً كثيراً على نعمة الإسلام، والعقل!
دوام الحال من المحال، وطبعُ الدنيا التقلب من حالٍ إلى حال. لذا مهما بحثت عن السعادة سواءً بحثت عنها في الماديات بشتى أنواعها، أو بالمعنويات، أو حتى بالأشخاص فلن تجدها إلا إذا عرفت كيف تجد السلام الداخلي. فالسعادة الحقيقة تكمن وراء السلام الداخلي، وهو ذلك الاطمئان والرضا والقناعة الداخلية بالرغم من كل الظروف الخارجية التي تحيط بك.
أختم كلامي بنموذج رائع نجده في حياة ابن تيمية. يقول ابن تيمية (بعد أن زُجّ به في السجن من قِبل أعدائه) :
“ما يصنع أعدائي بي؟! أنا جنتي وبستاني في صدري أنّى رحتُ فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة”.